نص الفصل السادس من مجلة الجماعات المحلية على ضرورة تفرّغ رؤساء البلديات المنتخبين لممارسة مهامهم. وعرّف نفس الفصل التفرغ بعدم الجمع بين رئاسة مجالس الجماعات المحلية وممارسة أي وظيفة أو مهنة أخرى. أما الإخلال بمبدأ التفرغ فيؤدي وجوبا إلى إعفاء رئيس الجماعة المحلية.
مشكل التفرّغ غير مطروح بالنسبة لموظفي القطاع العام، الذين يدخلون في وضعية عدم مباشرة حال انتخابهم، ولكنه يطرح وبشدة بالنسبة لأصحاب المهن الحرة والقطاع الخاص على غرار ما يجري في بلدية العين من ولاية صفاقس.
إذ يصر رئيس بلدية العين خالد معلى منذ انتخابه في 28 جوان 2018 على خرق مجلة الجماعات المحلية بجمعه وظيفتين وهما رئاسة البلدية ومزاولة مهنته كطبيب.
وحتى بعد صدور الأمر المتعلق بضبط منح وامتيازات رؤساء البلديات بتاريخ 7 سبتمبر 2018 لم يتوقف الدكتور معلى عن مزاولة عمله والتردد على عيادته يومياً، وهو ما تؤكده الشهادة الطبية المتحصل عليها من قبل أحد المرضى بتاريخ 15 نوفمبر 2018 أي بعد أكثر من 5 أشهر من تنصيبه رئيسا لبلدية العين بصفاقس.
رئيس البلدية المنتخب خالف أيضا القانون عدد 46 المتعلق بالتصريح بالمكاسب والمصالح ومكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح رغم تنصيص هذا القانون في الفصل 17 على ضرورة عدم جمع رؤساء الجماعات المحلية بين مهامهم ومهنة حرة أو عملا صناعيا أو تجاريا وكل نشاط خاص بمقابل. بل أقر الفصل 34 من نفس القانون على أنه يعاقب كل من يرفض التفرغ بالسجن لمدة عامين وبخطية قدرها ألفي دينار.
كما أتاحت مجلة الجماعات المحلية إمكانية إيقاف رؤساء البلديات غير المتفرغين عن العمل من قبل وزير الشؤون المحلية، وذلك بعد إستشارة المجلس الأعلى للجماعات المحلية وإمكانية إعفاء رؤساء البلديات بأمر حكومي معلل بعد إستشارة المجلس الأعلى للجماعات المحلية. وفي غياب تركيز المجلس الأعلى للجماعات المحلية يمكن الإستغناء عن رأيه لاستحالة الشرط.
ورغم تصريح خالد معلى رئيس بلدية العين بأنه سوف يتنازل عن منحته وامتيازاته لصالح البلدية، لكن هذا القرار الذي يبدو في ظاهره خدمة للمصلحة العامة، يظل قرارا غير منسجم مع مجلة الجماعات المحلية التي نصّت صراحة على ضرورة تفرّغ رئيس البلدية وليس على مجانية الخدمة التي يقدمها للشأن العام. مع العلم أن عددا من رؤساء البلديات قد اختاروا مؤخرا التباهي بإمساكهم عن التمتع بالامتيازات والمنح التي تخولها لهم مهامهم البلدية، لكن يبدو أنها تندرج في إطار انسياق بعضهم نحو الشعبوية.
من جهتها، تدعو منظمة أنا يقظ رئيس الحكومة إلى إعفاء السيد خالد معلى من مهامه والقيام وتتبّعه لمخالفته القانون، فضلا عن التثبت من تفرّغ جميع رؤساء البلديات.