في تعارض واضح مع مبادئ الوظيفة العمومية (الأمانة والنزاهة وواجب الحضور والقيام بالوظيفة وعدم تعاطي نشاط خاص بمقابل عند أداء الوظيفة وعدم الإساءة الى المؤسسة)، تصرّ الشركة التونسية للملاحة على التراخي المريب مع ظاهرة التهريب العابر للحدود للسجائر على متن ناقلاتها، ما يسيء الى سمعتها ويكرّس ثقافة الإفلات من العقاب. اذ تفيد مراسلتان حصل عليهما مركز يقظ لدعم وارشاد ضحايا الفساد من الناقلة البحرية التونسية CTN، تفيد ضلوع العون البحري وعضو النقابة الأساسية للأعوان البحريين حسان.ع في تهريب السجائر من تونس الى ميناء نابولي الإيطالي على متن السفينة ''تانيت'' ما أدى الى مواجهته لحكم بالسجن لمدة سنتين وشهرين وغرامة مالية بقيمة 211 ألف يورو.
ورغم هذا الحكم القضائي البات لم تتخذ الشركة للتونسية للملاحة أي إجراء تأديبي ضد هذا الموظف رغم وعدها ''باتخاذ التدابير اللازمة في شأنه''..
اخلالات بالجملة
قضيّة تهريب السجائر التي شهدتها باخرة ''تانيت'' وتورّط فيها أحد الأعوان البحريين، شابتها عدة إخلالات في تعاطي الشركة التونسية للملاحة مع هكذا جنحة قانونية. ولئن اعترف علي بلقاسم الرئيس المدير العام لـ CTN في اجابته على تساؤلات أنا يقظ عن ملابسات اعتقال العون البحري حسان.ع خلال الرحلة البحرية تونس-نابولي، اعترف بتعيين الشركة التونسية لمحام للدفاع على الموظف اثر إيقافه من قبل السلطات الإيطالية لدى وصول الباخرة التونسية الى ميناء نابولي في 31 ديسمبر 2016، بسبب ارتكابه جنحة تهريب سجائر خلسة الى ميناء جنوة في 2011 وصدور حكم غيابي بات يقضي بسجنه لسنتين وشهرين وتغريمه بخطية مالية بقيمة 211 الف يورو، لكنه سرعان ما أشار في نفس المراسلة المؤرخة في 27 جانفي 2017 الى تكفّل عائلة حسان.ع بتكاليف التقاضي.
من جهة أخرى بينت مراسلة الشركة التونسية للملاحة لمنظمة أنا يقظ بتاريخ 27 جانفي 2017 اتخاذها إجراءات بإيقاف العون المتهم عن العمل الى حين اتخاذ التدابير التأديبية اللازمة من جهة، ثم تراجعت لتقرّر ''ارجاعه الى سالف نشاطه مع صرف كامل مرتباته''، وفق ما جاء في مراسلة 10 افريل 2017، ما يعني ان هذه المؤسسة العمومية لم تتخذ أي اجراء في شأن عونها الضالع في التهريب على متن اسطولها البحري، بل كافأته بإعادته للعمل مع تمكينه من جراياته الشهرية رغم غيابه خلال فترة إيقافه بايطاليا.
في هذا السياق يقول الرئيس المدير العام للشركة علي بلقاسم انه ''حفاظا على السلم الاجتماعي للمؤسسة ونظرا لان السلطة التقديرية في هذه الظروف تعود للرئيس المدير العام تقرر اعادت العون الى سالف نشاطه''..
وضعية مهنية غامضة..
مسألة أخرى على غاية من الخطورة متّصلة بقضية هذا العون البحري المتهم بتهريب السجائر أثناء مزاولته عمله بباخرة ''تانيت''، وهي تتعلّق بوضعية حسان ع. طيلة الفترة الممتدة بين سنة 2011، تاريخ اتهامه بارتكاب جنحة تهريب السجائر خلسة الى ميناء جنوة وديسمبر 2016 تاريخ إيقافه من قبل السلطات القضائية. وقد اتصلت أنا يقظ بالشركة التونسية للملاحة وديوان البحرية التجارية والموانئ للاستفسار عن طبيعة الأنشطة والمهام المسندة للموظف طيلة الست سنوات الماضية، للتأكد من مدى مزاولته لنفس الخطة المخوّلة له السفر على متن بواخر الشركة بعد صدور الحكم القضائي بسجنه، دون الحصول على أية معطيات.
امساك مؤسستين CTN وOMMP عن كشف اية معطيات عن المهام الموكولة لحسان ع. في السنوات الماضية بتعلة حماية المعطيات الشخصية، يضعنا أمام أكثر من فرضية: إما ان هذا العون البحري قد واصل العمل على متن بواخر الشركة التونسية للملاحة التي تسافر مرتين على الأقل أسبوعيا الى أوروبا، ولكن بانتحال شخصية أخرى للتفصّي من الإيقاف أو تمت احالته الى مهمة أخرى من قبل إدارة الشركة وفي كلتا الحالتين هناك تقصيرا إداريا واضحا في التعاطي مع الموظف المهرّب.
قضية تهريب السجائر على متن بواخر الشركة التونسية للملاحة يبدو انها لم تقتصر فقط على العون حسان ع.، بل تشير مصادر من نفس الشركة الى تعمد طائفة من الأعوان البحريين تهريب السجائر من تونس الى فرنسا وإيطاليا بنسق يكاد يكون منتظما. يقول أحد موظفي CTN (رفض الإفصاح عن هويته تفاديا لأي قصاص اداري): يستغل عدد من الاعوان البحريين العاملين مع التونسية للملاحة، السفرات الأسبوعية الى ميناء مرسيليا لشحن كميات هائلة من السجائر المهربة من القطر الجزائري والمعروفة بLegend ثم يتم تسليمها الى احدى العصابات المختصة في التهريب حال وصول الباخرة الى الميناء الفرنسي. ويعمد نفس الاعوان الى تهريب سجائر ''المارلبورو'' من ميناء جنوة الى ميناء حلق الوادي قبل إعادة شحن هذه السجائر الى ميناء مرسيليا لتسليمها الى مهربين أجانب.
يذكر ان وسائل اعلام محلية قد تحدثت في افريل المنقضي عن إيقاف السلطات الفرنسية لعونين بحريين من الشركة التونسية للملاحة مع تغريم الشركة بخطية قدرها 15 الف يورو بعد ضبط ما لا يقل عن 350 علبة سجائر مخبأة بحاوية بالقرب من سفينة تانيت التونسية، فيما سارعت المؤسسة التونسية الى تكذيب الخبر، ولكن الأصداء الواردة من داخل CTN تتحدث عن استغلال عدد من موظفي الشركة تنقلاتهم الأسبوعية الى اكثر من بلد أوروبي لممارسة التهريب، متحصنين بصفاتهم النقابية لخرق القانون والمس من سمعة هذه المؤسسة العمومية على غرار ما حصل مع عضو النقابة الأساسية حسان ع..