للفساد مخاطره على قطاع الدّفاع..

| 0 مشاركة
w1
أنا يقظ

في انفتاح على الطاقات الشابة وايمانا منها بدور صحفيي المستقبل في مكافحة الفساد، بادرت منظمة أنا يقظ خلال النسخة الأخيرة من مؤتمر النزاهة بفسح المجال لثلة من طلبة معهد الصحافة وعلوم الاخبار وخريجيه لحضور ومواكبة مختلف الورشات والتظاهرات التي احتضنها هذا المؤتمر بمدينة الثقافة يومي 19 و20 جانفي المنقضي، لانجاز مجموعة من المقالات والتغطيات على غرار هذا المقال الذي كتبه الصحفي هيثم المناعي.

 

قد يبدو العنوان صادما للوهلة الأولى باعتبار ثقة أكثر من 80 في المائة من أفراد الشعب التونسي في المؤسّسة العسكريّة أو هذا ما تلقّته نفسي و أنا أطالع لافتة هذه الورشة المنعقدة على هامش منتد النزاهة الثالثة التي نظمته أنا يقظ، يوم السبت 19 جانفي بفضاء مدينة الثقافة بالعاصمة التونسيّة والتي أثّثها من تونس المقدّم بالجيش الوطني السيّد محمّد الطّاهر إبراهيم والنائبة بلجنة الأمن والدفاع بمجلس نواب الشعب السيّدة ليلى الشتاوي والخبير الأمنيّ الدّولي  James Wasserstrom.

قد تتساءلون كما تساءلت شخصيّا: هل بلغنا هذا الحدّ من الخطورة حتّى نستدعي خبيرا أمنيّا دوليّا ليميط اللّثام عن فساد مؤسستنا العسكريّة؟ وعن أيّ فساد نتحدّث؟ وكيف يمكن تحقيق الحوكمة الرشيدة في هذا القطاع الحسّاس؟

ضرورة تنظيم القطاع

السيّدة ليلى الشتاوي أكدت في كلمتها أن الإحصائيات الرسميّة أثبتت أن انخراط المرأة في العمل بالمؤسّسة العسكريّة أسهم بشكل ملحوظ في الحدّ من ظاهرة الفساد في هذا القطاع وأنّ الدولة التونسيّة تحتلّ المرتبة الأولى عربيّا في مجال الأمن في قطاع الدّفاع، وأضافت أنّ إصلاح هذين القطاعين على حدّ السواء يتوقّف على الجانب التشريعيّ المتعلّق بالنّصوص القانونيّة والتشريعات الخاصّة بحاملي السّلاح والجانب الرّقابيّ المتمثّل في لجنة الأمن والدّفاع بمجلس نوّاب الشعب.

 وبيّنت في المقابل أنّه إلى غاية اليوم لا وجود لمشروع نصّ قانوني يخصّ ملفّ الإصلاح الأمني والعسكري وأنّ الرّقابة تتمّ فقط على الميزانيّات والسّياسات الأمنيّة العامّة، كما شدّدت على ضرورة تخصّص النائب في لجنة الأمن والدّفاع وتمتّعه بالتكوين المستمرّ وضرورة إدراج هذه الإجراءات بنظام العمل الداخلي لضمان استمراريّة عمل هذه اللجان بعد انتهاء المدة النيابيّة للنواب.

 وعرّجت النائب على ضرورة مبادرة النواب بلجنة تنظيم الإدارة والقوّات المسلحة بتقديم المقترحات والمشاريع القانونيّة لتنظيم هذا القطاع في ظلّ غياب المبادرات التي كان يفترض أن تصدر عن رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهوريّة.

التجربة الأوكرانيّة المفزعة

أكّد الخبير الأمني الدّولي James Wasserstrom من جهته ما ذهبت إليه السيّدة ليلي الشتاوي بخصوص حضور المرأة بالمؤسّسة العسكريّة الذي حدّ بشكل كبير من الفساد بهذا القطاع كما حدث مثلا في تجربة كوسوفو الدفاعيّة، وعرّج في كلمته التي ألقاها في هذه الورشة على التجربة الأوكرانية المفزعة التي تمثّلت في فساد داخليّ كبير في مؤسّستها العسكريّة حدا ببعض أفرادها إلى بيع بعض المعدات الحربيّة لتحسين ظروف معيشتهم وتفاقم تلك الظاهرة حتّى خسرت أوكرانيا ثلث أراضيها الدّوليّة في حربها الأخيرة بسبب تورّط نواب الشعب أنفسهم في قضايا أمن وطني جعلتها تحتلّ المرتبة الثامنة عالميّا في تصدير الأسلحة إلى العالم.

 وحذّر الخبير الأمريكي في المقابل من احتمال أن يتكرّر نفس السيناريو بالمؤسّسة العسكريّة التونسيّة، وأشار السيّد Wasserstrom كذلك إلى أنّ مجال الفساد يتعلّق خاصّة بالإنتداب والترقية، مشدّدا على ضرورة تفعيل دور مجلس نواب الشعب الرقابي على المؤسستين الأمنيّة والعسكريّة، معتبرا أن الإدارة دائما ما تكون العائق الرئيسيّ أمام إصلاح القطاع، وأضاف قائلا إنه ينبغي تدعيم التأثير من كافة المواطنين والمجتمع المدني لتخفيض ميزانية الأمن و الدّفاع وتكريس قانون النفاذ إلى المعلومة ومساءلة الحكومة من أجل الصّالح الوطنيّ.

لا خوف على مؤسّستنا العسكريّة

بنبرة هادئة أكّد المقدم محمّد الطاهر إبراهيم مجهودات الدّولة في مكافحة الفساد بإرسائها جملة من القوانين والتشريعات الملائمة للتوقي منه في المؤسسة العسكريّة منذ عدّة عقود، مشيرا إلى سعيها المتواصل إلى تحسين الأداء و تطوير العمل عموما بتحقيق نسبة كبيرة من الشفافيّة فيما يتعلّق مثلا بباب الضرائب خدمة للأمن الوطني، كما أنّ مشروع القانون الأساسي لميزانيّة الدولة لسنة 2019 قد حدّد جملة من الأهداف والبرامج والأموال التي ترصد لها عبر تقديم مشاريع ميزانيات واضحة ومعقولة وأن المؤسسة العسكريّة تعمل في إطار القانون والدولة التي وضعته، مشيرا إلى أنّه يمكن الإحتكام إلى هيئة دستوريّة للمساءلة والرقابة والنفاذ إلى المعلومة.

 واعتبر السيّد Wasserstrom أن عامل النجاح الأساسيّ يتلخّص خاصّة في جملة من العوامل الداخليّة التي تتمثل في مجموعة القيم النبيلة التي تميّز المؤسسة العسكريّة باعتبارها سور الوطن الأوّل وحاميه أيام المحن والسّمعة المؤسساتيّة التي تمتعت بها بفضل حسن تنظيم عملها وأداء واجبها وانضباطها التلقائي، دون حاجتها في حقيقة الأمر إلى قوانين أو تشريعات لاحقة تزيد في انضباطها.

كما عرّج المقدم محمّد الطاهر إبراهيم في كلمته على أن البلاد التونسيّة كانت سباقة فيما يتعلق بانضمام المرأة منذ ستّينيّات القرن الماضي إلى صفوف المؤسّسة العسكريّة وذكّر أنّ تصنيف المعلومات والمعطيات الأمنيّة    والعسكريّة ينبغي أن يخضع للقانون الذي هو بصدد الدراسة وعلى الجميع احترامه سواء كانوا إداريين أو مواطنين أو مجتمعا مدنيّا. وأشار في ختام كلمته إلى سعي المؤسسة العسكرية إلى تحسين وضعيات العسكريين ماديا واجتماعيّا كتمتّعهم بقانون أساسيّ خاصّ ومراجعة قانون الخدمة الوطنيّة بين الجنسين وإرساء إطارات شراكة وتعاون ثنائيّ مع هيئات وطنيّة ودوليّة.