حتى بعد الثورة.. موظّفون يتفنّنون في استباحة المال العام

| 0 مشاركة
w1

في محاولات يائسة لتقنين جرائم من قبيل الرشوة والارتشاء والتحيل للانتفاع بامتيازات مالية وجبائية وسوء التصرف في المال العام والاستيلاء على الأموال العمومية، ما فتئت العديد من الأصوات تتعالى من هنا وهناك للتأثير على السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية قصد محو كل الجرائم التي تم ارتكابها من قبل مسؤولين سامين أو موظفين عموميين وكأن شيئا لم يكن.

اذ لم يكتف عدد من الفاعلين في المشهدين السياسي والإعلامي بالتفنن في تلميع صورة البعض ممن تعلقت بهم تهم الفساد واستغلال النفوذ وتضارب المصالح، بل سارعوا الى المرور الى تقنين الفساد.

تقنين الفساد في الوظيفة العمومية

تقدم امس الخميس 9 مارس 2017 خمسة عشر عضوا بمجلس نواب الشعب بمبادرة تشريعية اطلقوا عليها مسمى "مشروع قانون أساسي يتعلق بالمصالحة بخصوص الموظفين العموميين واشباههم من اجل أفعال تتعلق بالفساد المالي وبالاعتداء على المال العام." هؤلاء النواب ينتمون الى الكتل التالية:

كتلة الاتحاد الوطني الحر

  • طارق الفتيتي
  • فوزية الشعار بن فضة
  • توفيق الجملي
  • محمد الأمين كحلول
  • ألفة الجميلي
  • نور الدين المرابطي
  • كمال الهيراغي
  • عبد القادر بن ضيف الله
  • درة اليعقوبي

كتلة حركة نداء تونس

  • خميس قسيلة
  • عبد العزيز القطي
  • عصام الماطوسي
  • عبد الناصر شويخ

كتلة الحرة

  • ليلى الحمروني

نائب مستقل

  • بشرى بالحاج حميدة

في مستهل مشروع القانون كشف النواب عن مبتغى هذه المبادرة التشريعية مطالبين في الفصل الأول أن " تتوقف التتبعات والمحاكمات وتسقط العقوبات في حق الموظفين العموميين واشباههم من اجل أفعال تتعلق بالفساد المالي وبالاعتداء على المال العام والذين لم تحصل لهم أي منفعة من جراء ذلك"، في مسعى منهم لترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب من نواب تم انتخابهم ليقدموا المثال عن علوية القانون وهم المكلفون بالقانون بالتعهد بالتشريع وسن القوانين ومكافحة الفساد بمختلف تشيكلاته وتمظهراته.

فساد اداري بمختلف تمظهراته

وما دمنا نتحدث عن الفساد الإداري والمالي بالمرفق العمومي لنضرب مثالا بالتجاوزات الحاصلة بإدارتين عموميتين وهما وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري ووزارة التربية.

تفيد وثائق حصلت عليها منظمة انا يقظ من وزارة الفلاحة بتاريخ 14 فيفري 2017 بلوغ عدد التجاوزات المالية التي رصدتها التفقدية العامة بالوزارة في سنوات 2014 و2015 و2016 مالا يقل عن 38 تجاوزا.

اما أنواع التجاوزات فقد تراوحت وفق وزارة الفلاحة بين :

  • أخطاء في التصرف
  • الرشوة والفساد
  • سوء التصرف في الصفقات العمومية
  • تدليس وثائق
  • انتحال صفة
  • استعمال ختم مؤسسة
  • التحيل للانتفاع بامتيازات مالية أو جبائية
  • الاستيلاء على أموال عمومية
  • استهلاك وقود لوسائل النقل بدون وجه حق
  • استغلال صفة لاستخلاص فائدة لا وجه لها
  • سوء التصرف في المخزونات
  • تجاوزات في تنفيذ عقود انتاج مواد فلاحية

أنواع التجاوزات التي تم رصدها بوزارة الفلاحة سنوات 2014 و2015 و2016

 

الاجراءات التي تم اتخاذها في شأن التجاوزات المالية بوزارة الفلاحة

اللافت في هذه التجاوزات ان اكثر من 81 % منها استدعت إحالة مرتكبيها على القضاء (31 ملفا من اجمالي 38 ملفا يخص التجاوزات المالية)، بالإضافة الى رفع 4 ملفات الى دائرة الزجر المالي واحالة 10 ملفات تخص 11 عونا على مجلس التأديب.

ما يهمنا هنا هو الكم الهائل من الموظفين الذي تمت احالتهم على القضاء في مشهد تونسي خلنا ان الثورة قد ساهمت في ردع من تسول له نفسه الامارة بالاستيلاء على المال.

وفي وزارة التربية كذلك..

في وزارة التربية لا يختلف الامر كثيرا بالنسبة للتجاوزات الإدارية والمالية. اذ تبين تقارير نشاط التفقدية الإدارية والمالية للوزارة لسنوات 2013 و2014 و2015 والتي حصلت منظمة انا يقظ على نسخ منها في 24 نوفمبر 2016 الى إحالة ما لا يقل عن 26 موظفا على النيابة العمومية و6 موظفين على دائرة الزجر المالي، بينما تم اعفاء 166 موظفا من الخطة الوظيفية.

 العقوبات الإدارية والتأديبية ضد مرتكبي التجاوزات المالية بوزارة التربية في 2013

 

العقوبات الإدارية والتأديبية ضد مرتكبي التجاوزات المالية بوزارة التربية في 2014

العقوبات الإدارية والتأديبية ضد مرتكبي التجاوزات المالية بوزارة التربية في 2015

كأنّ شيئا لم يكن.. يواصل عدد من الموظفين العموميين التونسيين استغلال المرفق العام لارتكاب شتى أنواع الفساد المالي والإداري رغم مرور ست سنوات عن الثورة التونسية التي كانت انتفاضة على تغلغل الفساد في الإدارة ورفضا للإفلات من العقاب واستغلال النفوذ لتحقيق مصالح ضيقة.. كأنّ شيئا لم يكن.. ثم يتجرأ البعض على محاولة تلميع صورة الفساد ولم لا تقنينه.