بعد تطرق منظمة أنا يقظ الى مختلف التجاوزات المقترفة من قبل بعض شركات التنشيط المتعاقدة مع اتصالات تونس، وذلك في تحقيق بعنوان تدليس وتلاعب بالمعطيات الشخصية لحرفاء اتصالات تونس، والذي ارتأت إدارة المشغل العمومي للاتصالات ان تعتبر مختلف الإخلالات المذكورة في المقال مجرد ''وضعيات معزولة''، تمكنت أنا يقظ مرة أخرى من الحصول على وثائق تثبت مواصلة بعض شركات التنشيط التحايل على القانون، فضلا عن ارتكابها لطائفة أخرى من التجاوزات.
هذه الشركات المفترض اقتصارها على الجانب التنشيطي، لا تزال تعيث في قطاع بيع خطوط الهاتف الجوال فسادا، سواء عن طريق تكفّلها بالبيع وإمضاء عقود البيع وتشغيل الخطوط أو الاعتماد على وثائق غير منصوص عليها في عملية بيع الشرائح، في استهتار بمضمون كراسات الشروط المنظمة لاتفاقها مع مؤسسة اتصالات تونس.
شركات تنشيط بلا رقيب
يشير محضري معاينة انجزهما عدلي تنفيذ في كل من نابل واريانة الى جملة من التجاوزات المرتكبة. اذ تواصل شركات تنشيط -متعاقدة مع اتصالات تونس- التنصل من دورها الأساسي القائم على التنشيط والترويج لخدمات المشغل العمومي، والذي تتلقى بمقتضاه اجرا بمئات الاف الدينارات، متعمدة التفويت في خطوط هاتف جوال مقابل وثائق غير قانونية أي نسخة من رخصة سياقة منتهية الصلوحية. تجاوزات تحدّث عنها بعض مسؤولي اتصالات تونس، في لقاء جمعهم بانا يقظ، مشيرين الى اكتشافهم لأشياء خطيرة متعلقة بمنشطي الشركات الخاصة، ومؤكدين توجه اتصالات تونس نحو إيقاف التعامل مع هذه الشركات.
كما بلغ الامر ببعض منشطي الشركات الخاصة حد انتحال صفة أعوان اتصالات تونس عبر التكفل بتشغيل الخطوط التي تم بيعها للحرفاء، على غرار ما حصل يوم 8 أوت المنقضي بأريانة، وذلك بتشغيل خطوط هاتف جوال بالاعتماد على رمز تشغيل على ذمة موظفة باتصالات تونس، كانت حينها في عطلة. ويفترض ان يكون هذا الرمز شخصيا وتحت تصرف هذه الموظفة فقط. هذا الامر يطرح تساؤلا حول كيفية حصول الشركة الخاصة على رمز التشغيل. نقطة أجاب عليها مسؤولو المؤسسة العمومية بإمكانية سرقة هذا الرمز من عون اتصالات تونس بعد تسلمه من زميلته المتغيبة، بينما تبين لأنا يقظ إعادة استعمال نفس الرمز، يوم الخميس الفارط، لتشغيل خطوط هاتف تم بيعها نظير نسخة من جواز سفر منهي الصلوحية منذ 2009.
اما عن التدابير المتخذة في هذا الشأن فقد اقتصرت على الضغط على شركة التنشيط لطرد عاملين، بينما يبدو انه لم يتم محاسبة الموظفين المقصرين في اتصالات تونس.
من جهة أخرى بلغ الى علم أنا يقظ ان أحد حرفاء اتصالات تونس قد توجه في 7 أوت الماضي بشكاية الى الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، مقدما العديد من المعطيات عن التلاعب بالمعطيات الشخصية للحرفاء من قبل شركات متعاقدة مع هذا المشغل العمومي. شكاية أحالتها الهيئة مؤخرا الى وكيل الجمهورية وفق رئيسها السيد شوقي قداس.
أورونج واوريدو أيضا..
وتحدث السيد قداس عن توفر الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية على وثائق تثبت حصول تلاعب بالمعطيات الشخصية لحرفاء المشغل الخاص أورونج، بعد ان وردت عليها شكاية من أحد المواطنين يؤكد فيها عثوره على المئات من نسخ بطاقات التعريف والعقود وأرقام خطوط أورونج ملقاة على قارعة الطريق. وقد تم إحالة شكاية الى وكيل الجمهورية دون ان يشهد الملف تقدما يذكر، وفق رئيس الهيئة.
في هذا السياق قال رئيس الهيئة ان تجاوزات من هذا القبيل من شأنها المس من السيادة الوطنية بما ان حصول جهات مجهولة على شرائح الهاتف الجوال قد يساعدها على استغلالها في أعمال إجرامية وحتى إرهابية، لذلك تمت إحالة هذا الملف الى وكيل الجمهورية.
من جهته بين السيد عبد الكريم العمري عن الهيئة الوطنية للاتصالات أن المشاكل المتعلقة بترويج خطوط الهاتف، قد تفاقمت منذ 2011، ما دفع بإدارته للتنبيه على كل من اتصالات تونس وأوريدو وأورونج.
وبعد تلكؤ المشغلين الثلاث في الإيقاف الفوري لعمليات البيع العشوائي وغير المنظم لشرائح الهاتف الجوال وعدم مراجعة قاعدة بياناتهم، أصدرت الهيئة في 28 فيفري 2013، ثلاثة قرارات، تنص على ضرورة تحرك هؤلاء المشغلين لمدها بالقائمة الكاملة لأرقام الهاتف الجوال المجهولة هوية أصحابها والقائمة الكاملة لأرقام الهاتف الجوال التي تم قطعها لتعذر تسوية وضعيتها.
وبعد مرور ثمان سنوات على مختلف الإجراءات المتخذة من قبل الهيئة الوطنية للاتصالات لتنظيم قطاع ترويج خطوط الهاتف الجوال، يبدو ان الامر لا يزال في حاجة الى مزيد الرقابة في قطاع قد يتسبب التساهل فيه مع المتخاذلين او المتلاعبين بالمعطيات الشخصية للتونسيين في المس بالأمن القومي للبلاد، في انتظار ان ينطلق العمل بأكثر من إجراء من قبيل توحيد قواعد بيانات كل مشغلي الاتصالات ورقمنة عمليات البيع وتشريك أطراف أخرى كوزارتي الداخلية والعدل وحتى المواطن للتصدي لأي تجاوز قد يحدث.
-----------------------------
1 قرارات الهيئة الوطنية للاتصالات بخصوص ترويج خطوط الهاتف