المرأة أقلّ فسادا وتبليغا عنه

| 0 مشاركة
w1

تحتفل تونس اليوم 13 أوت 2018 بعيد المرأة وهو حدث مرتبط بتبني مجلّة الاحوال الشخصية التي قدّمت للمرأة وللأسرة التونسية مجموعة من الضمانات والحقوق التي كانت سابقة مقارنة بالمحيط العربي و حتى الاقليمي. وقد فتحت هذه الحقوق المجال امام تدعيم مشاركة المرأة في الحياة السياسية حد افتكاكها 72 مقعدا في البرلمان التونسي اي ما يعادل ثلث اعضاء مجلس نوّاب الشعب. كما حظيت المرأة بنسبة مساهمة عالية في أول انتخابات محليّة تجرى في تونس وذلك بضمان نسبة مشاركة نسائية تقدّر  49.26%

على مستوى التزامها بالشفافية والنزاهة والحوكمة الرشيدة، تفيد الارقام أنّ المرأة التونسية أقلّ فسادا من الرجل وهو ما بيّنته احصائيات مركز يقظ لدعم وإرشاد ضحايا الفساد التابع لمنظمة أنا يقظ التي شدّدت على أن نسبة الشكايات المتعلّقة بشبهات الفساد المقدّمة ضدّ النساء لم تتجاوز %2 سنة [1]2017 ولم تبلغ 1% بالنسبة الى 2018[2] . وهو ما أكدّته احصائيات الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي لم تتجاوز الشكايات الواردة عليها ضدّ المرأة 4%  مقابل 96%  منها مقدّمة ضد الرجال[3].

 نسبة الشكايات المتعلقة بشبهات الفساد المقدمة ضد النساء والرجال

ليست النسب الضئيلة لضلوع للمرأة في الفساد حكرا على تونس بل تشمل أغلب نساء العالم ،لكن يبرز امتياز المرأة التونسية في مقارنة سلوكها مع الاطار العام للدولة، اذ ممّا لا شكّ فيه أنّ الاطار العام للدولة التونسية يتميّز بعدم الاستقرارالسياسي وانتشار ثقافة الافلات من العقاب وهو ما له تأثير مباشر على استشراء الفساد في تونس . هذا التوجه اكّدته مجموعة دراسات [4] باشارتها إلى ضرورة الاخذ بعين الاعتبار العوامل الخارجية لفهم نسبة انخراط المرأة في الفساد وهو ما يبيّن عدم انخراطها في منظومة الفساد طوعا.

 

"يميل الفساد إلى أن يكون أقلّ في البلدان التي لديها نسبة أكبر من النساء اللواتي تشغلن مناصب سياسية"

Swamy et al ,2000.Dollar et al 2001 

 

ويمكن تفسير ذلك من خلال الدراسة التجريبية التي أجراها كلّ من Jha and Sarangi سنة 2015 والتي بيّنت أنّ المرأة تميل إلى التصرّف بشكل أكثر أمانة من الرجال وأكثر عدلا في اتخاذ القرار. وقد تمّ ارجاع ذلك الى اعتبار أنّهن أكثر عرضة للعقاب والمخاطر التي ينطوي عليها الفساد بسبب التمييز الصريح أو الضمني بين الجنسين (خاصّة على المستوى الاجتماعي كالعادات والتقاليد). ونتيجة لذلك يشعرن بمزيد الضغط لرفض كل أشكال الفساد.

وبناء على ذلك أرجع باحثون هذا السلوك إلى خوف النساء من التتبعات القضائية وفقدان مناصبهن وبالتالي فإنّ رفض المرأة للفساد هو خوفا من الكشف وليس رفضا للفساد في حدّ ذاته [5]، لكن قد تنطبق هذه الفرضية على الدول التي تعدّ حقوق المرأة لديها حديثة العهد.

وبناء على ما تقدّم يمكن أن نأخذ بعين الاعتبار التوصيات التي قدّمها البنك الدولي سنة 2001 حول هذه النقاط لعلّل أهمّها، "ضرورة دعم مشاركة المرأة في القطاع العام "the public domain" لمساهمتها في الحدّ من الفساد، وهو امتياز لا يشمل القطاع العام فقط بل يشمل بدوره القطاع الخاص، وهو ما أكّدته مجموعة من البحوث التي بيّنت أن الشركات التي تعود ملكيتها إلى النساء تدفع نسبة أقّل من الرشاوي مقارنة بالرجال، كما ينظر إلى الفساد على أنّه أقلّ خطرا في الشركات التي يتمّ تمثيل المرأة فيها [6]

المرأة في مواجهة الرشوة الجنسية

هناك فروقا أخرى بين الجنسين في هذا الاطار والمتمثّلة في الابتزاز الجنسي أو الرشوة الجنسية وهو مصطلح برز في السنوات الاخيرة ، وهو عبارة عن رشوة لا تقدّم نقدا بل تكون بمقابل جنسي. هذا المصطلح لم يقع أخذه بعين الاعتبار من قبل مجموعة من المشرعين لكن تمّ إدراجه بطريقة غير مباشرة صلب الفصل 2 من القانون عدد 10 لسنة 2017 المتعلّق بالابلاغ عن الفساد وحماية المبلغين والذي اعتمد "جميع أنواع الرشوة" والتي يمكن تأويل اعتماد الرشوة الجنسية صلبها، لكن يبقى الاشكال في الدور التوعوي الذي يجب أن تأخذه الدولة والمجتمع المدني على حدّ السواء لنشر هذا المصطلح ،وأخذه بعين الاعتبار كظاهرة من ظواهر الفساد التي يجب مقاومتها .

المرأة أقلّ تبليغا عن الفساد

رغم الدور الايجابي الذي تلعبه المرأة في عدم الانخراط في منظومة الفساد إلاّ أنّها أقلّ انخراطا في منظومة التبليغ عن الفساد حيث بيّنت الاحصائيات الراجعة إلى مركز يقظ لدعم وإرشاد ضحايا الفساد التابع لمنظمة أنا يقظ أنّ نسبة تبليغ المرأة عن الفساد تعرف ضعفا كبيرا مقارنة بالرجال، حيث لم تتجاوز 10%  سنة 2015 وهي نسبة مماثلة لسنة 2016 و2017 حيث سجّل المركز تبليغ 75 امرأة عن الفساد مقابل 331 بلاغا مقدّما من طرف الرجال والامر سيّان بالنبسة للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد حيث  لم يتجاوز تبليغ المرأة عن الفساد عن طريق الرقم الأخضر 10 % مقابل 89%  للرجال  [7] وهي مسألة يمكن إرجاعها إلى حداثة القانون المتعلّق بالابلاغ عن الفساد وحماية المبلغين والتي تجعل المرأة أكثر تغاضي عن الفساد خوف من تبعاته على مستقبلها الوظيفي وعلى حياتها الاسرية ،وهي نقطة تختاج متابعة من طرف علماء الاجتماع الدولة والمجتمع المدني 

 احصائيات التبليغ حسب الجنس بكل من مركز يقظ والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد


- التقرير السنوي لمركز "يقظ" لدعم وإرشاد ضحايا الفساد لسنة 2017[1]

- الى حدّ جويلية 2018 [2]

- الندوة الصحفية للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بتاريخ 10/08/2018[3]

[4] -Esarey and CHirilo (2013) ,using data from the World Values Survey, found that context matters

[5] Rivas.2011

[6] Breen.M, Gaillanders.R,MC Nulty ,SUZUKI, A "Gender and corruption in business"

[7] 1% بلاغات مجهولة المصدر