صياغة: انتصار العرفاوي
يحتفل العالم في مثل هذا اليوم من كلّ سنة بالحقّ في النفاذ إلى المعلومة وهو حقّ تسعى من خلاله الديمقراطيات الناشئة على غرار الديمقراطيات العريقة إلى بناء وترسيخ ثقافة المساءلة والمحاسبة والتي من شأنها أن تدّعم شفافية التصرّف في المال العام وتفتح بدورها مجال الاصلاح والتغيير وهو ما يحول دون الانحراف بالسلطة واستشراء الفساد في دواليب الدولة.
هذا ويجد حقّ النفاذ إلى المعلومة أهمية على المستوى الدولي والمحلّي فمن الناحية الدولية تمّ ترسيخه في العديد من المواثيق الدولية وتمّ اعتباره كحقّ لصيق بحقوق الانسان من ذلك ما تضمّنه الاعلان العالمي لحقوق الانسان صلب المادة 19 التي تنصّ على أنّه " لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية."
هذا إلى جانب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي ينصّ في مادته 19 على أنّه "... لكلّ انسان حقّ في حرّية التعبير ويشمل هذا الحقّ حريّته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دون اعتبار الحدود سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فنّي أو بأيّ وسيلة أخرى يختارها"
ذلك من الناحية الدولية أمّا من الناحية المحليّة فإنّ الحقّ في النفاذ إلى المعلومة يعدّ مكسبا من مكاسب الثورة التونسية حيث صدر على اثرها المرسوم عدد 41 لسنة 2011 الصادر في 26 ماي 2011 والمتعلّق بالنفاذ للوثائق الادارية للهياكل العمومية وتعدّدا بأهمية هذا الحقّ تمّ إدراجه ضمن الحقوق الدستورية بمقتضى الفصل 32 من دستور تونس لسنة 2014 و الذي جعل من الدولة الضامن لهذا الحقّ وهو ما ساهم في صدور القانون عدد 22 لسنة 2016 المؤرخ في 24 مارس 2016 المتعلّق بالنفاذ إلى المعلومة والذي احتلّ المرتبة العاشرة بالمقارنة مع القوانين الموجودة في أغلب دول العالم
وبالعودة لما سبق ورغم تعدّد الأسس القانونية التي تجعل من حقّ الولوج إلى المعلومة حقّا يسيرا على طالبيه إلاّ أنّ الواقع التطبيقي لا يزال يشكو العديد من النقائص التي تدفع المواطن للعزوف عن استعمال هذا الحقّ وهو بدوره ما يطرح العديد من الأسئلة ولعلّ أهمها تتمحور حول أبرز التحديات التي تحول دون التطبيق اللازم لهذا الحقّ إلى جانب ماهية النقائص التي تطال الأساس القانوني المنظم له وأخيرا يجب أن نتساءل عن مدى استعداد أو جاهزية الإدارة والمواطنين لتفعيل هذا الحقّ الدستوري؟
- 1- حقّ النفاذ إلى المعلومة وفق المرسوم عدد 41 لسنة 2011
تضمّن المرسوم عدد 41 لسنة 2011 المؤرخ في 26 ماي 2011 المتعلّق بالنفاذ إلى الوثائق الادارية للهياكل العمومية المبادئ والقواعد المنظمة للنفاذ إلى الوثائق الادارية إمّا عن طريق النشر الاستباقي لها على المواقع التابعة للهياكل العمومية أو بطلب من المواطن، كما حدّد المرسوم طبيعة الوثائق التي يمكن للمواطن الحصول عليها وضبط استثناءات النفاذ إليها صلب الفصل 17 والتي ينتهي مفعولها بموجب توفرّ سبب من الأسباب المذكورة في الفصل 18 والمتعلّق باستثناء الاستثناء ومن تلك الأسباب "..وجوب تغليب المصلحة العامة على المصلحة المزمع حمايتها لوجود تهديد أو ارتشاء أو سوء تصرّف في القطاع العمومي "
لكن ورغم هذه الحماية لحقّ النفاذ إلاّ أنه لايزال يشكو من عدّة نقائص تجعله بحاجة دائمة إلى الدعم العملي.
1-1 النقائص التطبيقية للمرسوم عدد 41 لسنة 2011
شهد المرسوم عدد41 لسنة 2011 والمتعلّق بالنفاذ إلى الوثائق الإدارية نقائص على مستوى تفعيله وشملت هذه النقائص أوّلا النشر الاستباقي للمعلومة:
هذا حيث لا تزال تفتقد بعض مواقع الواب التابعة للوزارات إلى بعض المعلومات الأساسية من ذلك القائمة الاسمية للأعوان والمهام الموكولة إليهم إلى جانب غياب القائمة الاسمية للأعوان المكلفين بالاعلام والمعطيات المتعلّقة بهم وذلك على غرار وزارة الداخلية ووزارة الصحّة.
ثانيا غياب التكوين المناسب لبعض المكلّفين بالنفاذ:
رغم تعدّد الأسس القانونية المؤكدة لحقّ النفاذ إلى المعلومة إلاّ أنّ الإدارة التونسية لم تقدر على تفعيل هذا الحقّ بالطريقة المنصوص عليها وهو ما يعود بالأساس إلى غياب التكوين لعدد هام من الاداريين - المكلفين بمكتب الضبط والمكلفين بالإعلام - حول الشروط الأساسية لتفعيل هذا الحقّ.
إذ ترفض بعض الإدارات نموذج المطلب الكتابي المنصوص عليه صلب الفصل 7 وهو ما واجهته منظمة "أنا يقظ" مع العديد من الهياكل من ذلك وزارة التربية، الشركة التونسية للكهرباء والغاز، التلفزة التونسية، وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية وهو ما يتنافى مع الفصل 9 من المرسوم الذي ينصّ على أنّه "على الأعوان المكلفين بالإعلام في الهيكل العمومي مساعدة طالب الخدمة عند الاقتضاء في صورة اعتراضه لصعوبات في إعداد المطلب "
هذا إلى جانب البيروقراطية التي تعتمدها الادارة في بعض الأحيان، حيث تلتجأ إلى إعلام طالب النفاذ بعدم اختصاصها رغم قدرتها على إحالة الملف إلى الهياكل الراجعة لها بالنظر وذلك وفق الفصل 14 من المرسوم، وهو ما اعتبره الخبير الدولي والمدير التنفيذي للمركز الدولي للقانون والديمقراطية السيد "توبي موندال" تحديا من التحديات التي تؤثر سلبا على حقّ النفاذ إلى الوثائق الادارية
2-1 التحديات التي يواجهها المرسوم عدد 41 لسنة 2011
عرف المرسوم عدد 41 لسنة 2011 المؤرخ في 2011 والمتعلّق بالنفاذ للوثائق الإدارية للهياكل العمومية عدّة تحديات والتي سنحدّدها من خلال مقاربة تجربة المجتمع المدني في هذا المجال، منظمة "أنا يقظ" نموذجا
- تقيم مدى تجاوب الإدارة مع مطالب النفاذ:
تقدّمت منظمة "أنا يقظ" بحوالي 100 مطلب نفاذ إلى وثيقة إدارية في الفترة الممتدة بين سبتمبر 2015 وسبتمبر 2016 وذلك لمختلف الجهات الادارية فيما يلي أغلبها
وعلى هذا الأساس تمّ تسجيل بعض المؤشرات الاحصائية التي تعكس مدى تجاوب الادارة لمطالب النفاذ، هذا حيث احترمت الإدارة الآجال القانونية بالنسبة لـ 20 مطلبا للنفاذ تضمّنت 15 ردّا إيجابا في حين أجابت بالرفض فيما يتعلق بخمس مطالب.
هذا وتعتبر هذه النسبة ضئيلة بالمقارنة مع العدد الجملي للمطالب التي وجّهت للإدارة وهو ما يطرح عدةّ أسئلة من ذلك هل أنّ الآجال المنصوص عليها صلب المرسوم عدد 41 تتعارض مع الفترة التي تحتاجها الإدارة لإعداد الوثيقة الإدارية؟؟
والاجابة في هذا الإطار تستوجب الإشارة إلى عدّة نقاط أهمّها صعوبة تأقلم الادارة مع المطالب المضمّنة صلب مطالب النفاذ إذ تعتبره خرقا لخصوصيات عملها وهو ما يحول دون مرور المعلومة من الهيكل المعني إلى المكلف بالنفاذ والذي يقوم بدوره بمدّ المواطن بالوثيقة المراد الحصول عليها، ومن ذلك تنتفي الفرضية المذكورة آنفا ا لأنّ المرسوم منح الإدارة صلاحية تمديد الآجال وهو ما قامت به الشركة الوطنية للخدمات والاقامات عند مطالبتها بنسخ من العقود المبرمة بين الطرف التونسي والسعودي والمتعلّقة بموسم الحجّ.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى لا يجب أنّ نمرّ دون الإشارة إلى فرضية التزام الادارة الصمت والتي تجعل من طالب النفاذ إن كان شخصا طبيعيا أو معنويا يلتجأ إلى آليات أخرى (مطلب تظلّم، دعوى أمام المحكمة الادارية) والتي تثير تحدّيا هامّا متعلّقا بمدّة الحصول على الوثائق موضوع مطلب النفاذ.
- مدّة الحصول على الوثيقة الإدارية:
تعتبر المدّة التي قد يستغرقها الحصول على الوثيقة موضوع مطلب النفاذ تحدّيا في حدّ ذاته
إذ تتضمّن آجال ردّ الإدارة على مطلب التظلّم والمقدرة بـ15 يوما إلى جانب 10 أيام انتظارا لردّ الإدارة على مطلب التظلّم وصولا إلى إعداد عريضة أمام المحكمة الادارية والتي تبتّ فيها في أجل شهرين على أقصى تقدير والتي تقابلها في الأخير آجال تنفيذ الحكم القضائي من طرف الادارة المعنية وعليه يقدّر أجل الحصول على الوثيقة الادارية على أقلّ تقدير ب3 أشهر في حين يبقى أقصاها مرتبطا بمدى التزام الادارة بتنفيذ الحكم القضائي وعلى سبيل الذكر قدّرت أقصى الآجال لحصول منظمة "أنا يقظ" على الوثيقة الإدارية بـ 7 أشهر والتي تعلّقت بالحصول على وثيقة من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
هذا ويمكن تحديد الحاجة إلى اللجوء إلى مرحلة التظلّم من خلال عدد مطالب التظلّم التي قدّمتها منظمة "أنا يقظ" في إطار استكمال اجراءات حقّ النفاذ إلى المعلومة والتي قدّرت بـ 77 مطلب، هذا إلى جانب عدد القضايا التي تمّ عرضها على المحكمة الإدارية والتي قدّرت بـ 18 دعوى تمّ الحسم في 5 منهم لصالح منظمة "أنا يقظ" في حين لا يزال عدد 13 عريضة من أنظار المحكمة.
وهو ما يحيلنا للتساؤل عن مدى قدرة المواطن على مجاراة نسق الاجراءات المتعلّقة بالحصول على الوثائق الادارية والتي تستوجب في أغلب الأحيان مساعدة قانونية من قبل مختصين والتي تثير بدورها تحّديا آخر متعلّق بالتكلفة.
- تكلفة الحصول على وثيقة إدارية:
يمكن تقدير القيمة المالية للنفاذ إلى المعلومة وفق عدّة معطيات أهمّها تلك المتعلّقة بـ:
- طلب وثيقة إدارية تقتضي تغطية مصاريفها:
إنّ ممّا لا شكّ فيه أنّ الأصل في النفاذ للمعلومة يكون بصفة مجانية لكن تقتضي بعض الوثائق بعض المصاريف والتي لا يتمّ تسليمها إلاّ عند تسليم ما يفيد دفع ذلك المقابل.
وعليه وفيما يتعلّق بهذه النقطة يصمت النصّ عن امكانية التماس الحصول على هذه الوثائق بصفة مجانية وهي طريقة تمّ اعتمادها من طرف منظمة "أنا يقظ" قصد الحصول على مجموعة من الوثائق من المعهد الوطني للمواصفات والملكية الصناعية، وهي آلية يمكن أن تخصص لفئة معينة من المنتفعين والتي تفتح لهم المجال وتشجّعهم على ممارسة حقّهم في النفاذ إلى الوثائق الادارية.
-رفض الهيكل الإداري قبول مطلب النفاذ:
تواجه بعض مطالب النفاذ إلى المعلومة رفضا من قبل الادارة وذلك إمّا لما تحتويه من وثيقة المراد الحصول عليها أو لغياب التكوين للشخص المكلف بتلقي هذه الطلبات. وهو ما يدفع بالعارض للاستعانة بعدل منفذ قصد عرض هذه الوثائق على الإدارة ممّا يستوجب دفعه لمعلوم العدل المنفذ الذي يتراوح بين 70 و100 دينار مقابل ممارسة حقّه في النفاذ.
- إعداد عريضة لعرضها أمام المحكمة الادارية:
رغم أنّ اللجوء إلى القضاء الإداري في هذه المادّة لا يستوجب إنابة محامي لكن يبقى السؤال مطروحا هل أنّ جميع المواطنين قادرين على تحرير عريضة للحصول على حقهم في النفاذ إلى الوثائق الإدارية.
للإجابة عن هذا السؤال تستوجب العودة إلى الواقع العملي الذي يبيّن صعوبة لجوء الأشخاص - الغير متلقين لتكوين قانوني - للقضاء بمفردهم وتحرير عريضة لعرضها أمام المحكمة الإدارية مع مجاراة ردود الإدارة في هذا المجال وعليه غالبا ما يتمّ الالتجاء إلى أهل الاختصاص والتي تدفع بالعارض إلى تسديد معلوم الالتجاء إلى محامي
-عند تنفيذ قرار المحكمة:
عند صدور حكم قضائي من طرف المحكمة الادارية وعند حصول العارض على نسخة تنفيذية مت الحكم يجب أن يوجهها إلى الجهة المعنية عن طريق عدل منفذ والتي تستوجب على الأقلّ دفع مبلغ مالي قدره 150 دينار وهو ما يمكن تحديده من خلال القيمة المالية التي استخلصها عدل المنفذ من قبل منظمة "أنا يقظ" قصد توجيه نسخة تنفيذية والحصول على الوثيقة موضوع الحكم من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والتي قدّرت بـ 180 دينار.
وعليه تندرج جميع هذه النقاط ضمن التحديات التي يواجها طالب النفاذ للمعلومة والتي قد تحول دون ممارسة حقه في النفاذ أو متابعة الاجراءات التي تمكنه من الحصول على الوثائق المراد الاطلاع عليها وهي نتيجة تعود بالأساس إلى حداثة استعمال هذا الحقّ رغم قدمه والناتج عن عدم توفر الدراية لدى المواطنين عن كيفية استخدامه إلى جانب غياب الخبرة اللازمة لتفعيله وتطبيقه من طرف الإدارة المكلّفة بذلك رغم الدور الذي لعبه المجتمع في هذا المجال.
3-1- دور المجتمع المدني في ترسيخ حقّ النفاذ إلى المعلومة
لعب المجتمع المدني دورا هاما لتقنين حقّ النفاذ إلى المعلومة في مرحلة أولى ثم في نشر الوعي في صفوف المواطنين والاداريين حول ممارسة وتفعيل هذا الحقّ ومن بين هذه الجمعيات والمنظمات التي عملت على ذلك جمعية "بوصلة"، جمعية "الخبراء المحاسبين"، منظمة "المادة 19" ومنظمة "أنا يقظ" التي اعتمدت عدّة وسائل لتوعية المواطنين بأهمية الحقّ في النفاذ إلى المعلومة وذلك باعتماد ألية سبر الآراء في مرحلة أولى والذي تبيّن من خلاله أنّ عدد 51% من الأشخاص الذي تمّ سبر آرائهم ليسوا على علم بحقهم في النفاذ إلى المعلومة وعلى أساسه تمّ الالتجاء إلى الحملات التحسيسية عبر مواقع التواصل الاجتماعي وذلك بنشر فيديو يتضمّن الإجراءات التفصيلية لممارسة الحقّ في النفاذ إلى الوثائق الإدارية وتزامنا مع ذلك تمّ اطلاق موقع واب يحمل اسم "ma3louma" والذي يخوّل للأشخاص الطبيعيين والمعنويين إمكانية متابعة مطلبهم من طرف المنظمة وإعلامهم بالإجراءات الواجب اتخاذها عن كلّ مرحلة.
هذا ولم تقتصر الحملات التحسيسية على الجانب التكنولوجي بل تمّ اللجوء أيضا إلى إعداد دورات تكوينية والتي جمعت المواطنين بمسؤولي النفاذ على المعلومة صلب الهياكل الإدارية أمّا من الناحية الميدانية فلقد تمّ تنظيم حملات تحسيسية في الأسواق الأسبوعية وقرب الإدارات في 17 ولاية من الجمهورية التونسية تمّ بموجبها تسجيل 30 مطلب نفاذ من قبل المواطنين لدى الإدارات.
وأمام النظر في جهود المجتمع المدني لا يمكن أن نمرّ دون الوقوف على الدور الذي لعبه المجتمع المدني كحلقة ضغط لدفع مجلس النواب للمصادقة على قانون معتدل يعنى بالنفاذ إلى المعلومة بعد أنّ تضمّن المشروع استثناءات تفرغ المبدأ من محتواه
وقد اعتمدت في ذلك أساليب مختلفة من ذلك توفير ممثلين عنهم في البرلمان (جمعية "بوصلة"- منظمة "أنا يقظ" – المرصد التونسي للاقتصاد...) كما تمّ اعتماد صور كرتونية من طرف جمعية بوصلة لتوعية المواطنين بخطورة الاستثناءات التي يتضمّنها القانون في حين اعتمدت منظمة "أنا يقظ" ألية التصويت على هذا الاستثناء عن طريق موقع "vot-it" والذي بينّ وجود قاعدة عريضة معارضة للفصل المتعلّق بالاستثناءات.
وبالتالي ساهم المجتمع المدني بدرجة كبيرة في صدور القانون عدد 22 لسنة 2016 المؤرخ في 24 مارس 2016 المتعلّق بالنفاذ في صورته الحالية.
وفي هذا الإطار لا يمكن أن نغفل أيضا على دور المحكمة الإدارية وتعاونها في ترسيخ هذا الحقّ والذي يمكن أن تبيّنه من خلال عدد القرارات الحاسمة التي أصدرتها في هذا الإطار من ذلك قرارها بالإذن استعجاليا للمكلّف العام بنزاعات الدولة لتمكين منظمة "أنا يقظ" من نسخة من الاتفاقية المبدئية للصلح المبرمة بين المكلف العام بنزاعات لنزاعات الدولة والمدعو سليم شيبوب إلى جانب قرارها الذي أذنت من خلاله استعجاليا لرئيس المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بتمكين منظمة "أنا يقظ "من قائمة الشركات الأكثر مديونية للصندوق وهو ما يساعد على دخول قانون النفاذ إلى المعلومة حيّز التنفيذ.
- 2- المراحل الإعدادية لدخول قانون النفاذ للمعلومة حيّز التنفيذ
رغم احتلال تونس المرتبة العاشرة دوليا فيما يتعلّق بقانون النفاذ إلى المعلومة إلاّ أنّ ذلك لا يحول دون ظهور تحديات على مستوى التطبيق من ذلك الإجراءات الأكثر تعقيدا التي يتضمنها القانون إلى جانب إشكالية جاهزية الجهات المكلّفة بمدّ المعلومات (الهياكل الإدارية – أشخاص القانون الخاص التي تسيّر مرفقا عاما – )، المنظمات والجمعيات وكلّ الهياكل التي تنتفع والمواطنين لتفعيل هذا الحقّ
من الناحية الإجرائية:
يتميّز قانون عدد 22 لسنة 2016 المؤرخ في 24 مارس 2016 بوجود هيئة تعنى بتلقي الشكايات في حالة رفض أو امتناع الجهاز وهي نقطة الاختلاف مع المرسوم عدد 41 لسنة 2011 إلى جانب الآجال التي تمثّل نقطة اختلاف أخرى
من ناحية توّفر الهياكل:
تضمّنّ القانون عدد 22 لسنة 2016 المؤرخ في 24 مارس 2016 المتعلّق بالحقّ في النفاذ إلى المعلومة ضرورة إحداث هيئة تعنى بالنفاذ على غرار المثال الكندي والمكسيكي والتي تتولى البتّ في الدعاوى المرفوعة لديها في مجال النفاذ إلى المعلومة إلى جانب عملها على نشر ثقافة النفاذ بالتنسيق مع الهياكل الخاضعة لأحكام هذا القانون والمجتمع المدني من خلال القيام بأنشطة تحسيسية وتكوينية لفائدة العموم
وعليه وبالرجوع إلى صلاحيات الهيئة نتبيّن ضرورة إحداثها في أقرب أجل ممكن وذلك بغية الاعداد لدخول قانون حقّ النفاذ إلى المعلومة حيّز التنفيذ
مدى جاهزية الإدارة والهياكل المشمولة بهذا القانون:
الآن وقبل ستة أشهر من دخول قانون النفاذ إلى المعلومة حيّز التنفيذ تغيب أيّ متابعة لمدى جاهزية الإدارة والهياكل المعنية بهذا القانون على تطبيق أحكام القانون خاصّة وأنّ الأحكام الانتقالية والختامية للقانون منحت أجل سنة للإدارة قصد استكمال تنظيم أرشيفها وتركيز واستغلال منظومة لتصنيف الوثائق الإدارية التي بحوزتها بما ييسّر حقّ النفاذ إلى المعلومة
مدى جاهزية المواطن لممارسة حقّ النفاذ إلى المعلومة:
تبقى حلقة المواطن في ممارسة حقّ النفاذ إلى المعلومة الحلقة الأضعف والتي تستوجب تكاتف الجهود بين مكونات المجتمع المدني والمؤسسات الوطنية قصد توعيته بأهمية هذا الحقّ ودفعه لممارسة حقّه ومتابعته على جميع المراحل وهو ما من شأنه أن يدّعم الشفافية ويكرّس ثقافة المساءلة والتي من شأنها أن تضع حدّا لاستفحال الفساد في دواليب الدولة
توصيات:
- إحداث لجنة صلب رئاسة الحكومة تتابع مدى التزام الإدارات بالتحضيرات الأولية المنصوص عليها في الأحكام الانتقالية للقانون عدد 22 لسنة 2016 المؤرخ في 24 مارس 2016
- الاعداد والمصادقة على القانون المتعلق بإحداث الهيئة المكلّفة بالنفاذ إلى المعلومة
- الانطلاق بتكوين الإداريين حول محتوى قانون النفاذ إلى المعلومة
- ضرورة انطلاق الإدارات في نشر المعلومات والوثائق التي تهمّ العموم وفق ما نصّ عليه القانون
- ضرورة انطلاق حملات توعية المواطنين بكيفية ممارسة حقّهم في النفاذ إلى المعلومة
مصدر الصورة البارزة: article19.org