مازال الإطار التشريعي التونسي يفتقر إلى نص قانوني يجرم وبشكل واضح ظاهرة تضارب المصالح. ورغم تنصيص كل المعاهدات الدولية التي وقعتها وصادقت عليها تونس على ضرورة تجنب تضارب المصالح قانوناً إلا أن المشرع التونسي لم يسعفنا حد اللحظة بقانون يمنع هذه الظاهرة.
قبل الشروع في الحديث عن واقع الحال في تونس، لنتعرف أولاً على مفهوم تضارب المصالح. من بين التعريفات نجد تعريف د. هديل رزق-القزاز في دراسة نشرها موقع ائتلاف أمان في فلسطين حيث تعتبر "تضارب المصالح" بالوضع أو الموقف الذي تتأثر فيه موضوعية واستقلالية قرار موظف/ة في الوظيفة العامة بمصلحة شخصية مادية أو معنوية تهمه/ها هو/هي شخصيا أو أحد أقاربه/ها أو أصدقاءه/ها المقربين أو عندما يتأثر أداؤه/ها للوظيفة العامة باعتبارات شخصية مباشرة أو غير مباشرة أو بمعرفته بالمعلومات التي تتعلق بالقرار"
إذا قمنا بتطبيق هذا المفهوم فإن عديد رجال الدولة التونسية سيقعون تحت طائلة القانون. لكن المثال الذي خلق اشكالاً أخلاقياً وقانونياً هو مثال شركة "سيفاكس". إثر اجتماع المجلس الوطني للطيران المدني، منح وزير النقل وقتها سالم ميلادي إجازة الإستغلال لشركة سيفاكس. في شهر جويلية 2012، يلتحق نفس الشخص أي سالم ميلادي بشركة سيفاكس في خطة مدير عام. لا فقط هذا بل أن وزير النقل حينها عبد الكريم الهاروني منح للشركة إمكانية الطيران من مطار تونس قرطاج (بعد أن كان مطار صفاقس هو مطار الشركة الأساسي)، في 2014 ترشح السيد محمد فريخة كرئيس قائمة حركة النهضة، حزب الوزير عبد الكريم الهاروني. الجميع يعلم مصير الشركة الأن وافلاسها الذي يطرح أكثر من سؤال حول دخولها للبورصة وحول ضمانات القروض التي تحصلت عليها.
لذا وأكثر من أي وقت مضى، نحتاج اليوم في تونس لإطار قانوني يجرم تضارب المصالح ويقنن التحول من العمل الحكومي إلى العمل الخاص بشكل يحفظ مصالح الدولة. يجب على الدولة أن تتفادى ظاهرة "الباب الدوار Revolving Door" كما هو الحال في عديد المجالات. وستكون لنا عودة في الأيام القادمة إلى حالات تضارب مصالح عدّة.
لذا كفى...على البرلمان تحمل مسؤوليته الآن وتمرير قانون يجرم تضارب المصالح.